بقلم آدم العياري
واصلت الدائرة الجنائية المختصة بالنظر في قضايا الإرهاب بالمحكمة الابتدائية بتونس، مساء اليوم، النظر في ملف “التسفير” الذي أثار جدلًا واسعًا، حيث تم استنطاق ستة متهمين جدد، وهم نور الدين قندوز، وسيف الدين الرايس، ولطفي الهمامي، وسامي الشعال، وهشام السعدي، وعلي العريض، وذلك بعد أن سبق للدائرة أن استمعت إلى الإطارين الأمنيين السابقين عبد الكريم العبيدي وفتحي البلدي.
وقد انطلقت الجلسة باستنطاق نور الدين قندوز الذي وُجهت له تهم تتعلق بالتحريض على الجهاد في سوريا عبر جامع ديبوزيفيل وتسليم مبالغ مالية لتسهيل السفر نحو بؤر التوتر، إلا أنه أنكر جميع التهم المنسوبة إليه. وأكد قندوز أن علاقته ببعض أنصار الشريعة كانت متوترة، مشيرًا إلى حضوره لدروس دينية ألقاها بعض الشيوخ مثل وجدي غنيم ومحمد حسان. كما نفى وجود أي علاقة تربطه بسيف الدين الرايس المعروف بـ”أبو عياض” أو بأي تنظيمات إرهابية، وأكد انقطاع صلته بحركة النهضة منذ خروجه من السجن سنة 2007.
من جهته، أنكر الإطار الأمني السابق عبد الكريم العبيدي خلال استنطاقه كل الاتهامات الموجهة إليه، بما في ذلك علاقته بعناصر من حركة النهضة ومستشارين سابقين، متمسكًا بنفي وجود أي ارتباطات، رغم رصد العديد من المكالمات الهاتفية التي جمعته ببعض الأسماء البارزة مثل معاذ الغنوشي.
صباح الثلاثاء، باشرت هيئة المحكمة المحاكمة عن بعد في ما بات يُعرف بقضية تسفير التونسيين إلى بؤر التوتر، إبان فترة حكم حركة النهضة وحلفائها، للقتال والانضمام إلى جماعات إرهابية. وقد تم جلب جميع الموقوفين إلى قاعة مخصصة داخل السجن المدني بالمرناقية، من بينهم وزير الداخلية الأسبق علي العريض، والإطار الأمني فتحي البلدي، ورئيس فرقة حماية الطائرات بمطار تونس قرطاج عبد الكريم العبيدي، إلى جانب سيف الدين الرايس، ونور الدين قندوز، ولطفي الهمامي، وهشام السعدي، وسامي الشعال.
رغم طلب هيئة الدفاع تأجيل القضية في انتظار صدور قرار دائرة الاتهام، رفضت المحكمة الطلب وواصلت جلسات الاستنطاق عن بعد.
يُذكر أن عدد الموقوفين في هذه القضية يبلغ ثمانية متهمين. وقد جرى تفكيك ملف “التسفير” خلال المرحلة التحقيقية نظرا لتعدد الأطراف المشمولة بالأبحاث التي شملت أكثر من 820 شخصا. وتمّ الفصل بين ملفات الموقوفين وبين ملفات المحالين بحالة سراح أو فرار.
الأبحاث انطلقت إثر تحريات قادتها الوحدة الوطنية للبحث في الجرائم الإرهابية، وأسفرت عن الاحتفاظ بأكثر من 15 شخصا، من بينهم قيادات بارزة كعلي العريض، والحبيب اللوز، ومحمد فريخة. وأحالت النيابة العمومية بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب الملف إلى التحقيق بتهم تتعلق بموجب القانون الأساسي عدد 26 لسنة 2015 المتعلق بمكافحة الإرهاب ومنع غسل الأموال.
أصدر قاضي التحقيق عددا من بطاقات الإيداع بالسجن ضد بعض المتهمين مثل سيف الدين الرايس وفتحي البلدي ومحرز الزواري وعبد الكريم العبيدي، فيما تم إبقاء آخرين في حالة سراح مثل راشد الغنوشي وعلي العريض والحبيب اللوز ومحمد فريخة ووزير الشؤون الدينية الأسبق نور الدين الخادمي.
طعنّت النيابة العمومية في قرار الإبقاء على 39 متهما بحالة سراح، غير أن دائرة الاتهام بمحكمة الاستئناف بتونس أيّدت القرار في 13 أكتوبر 2022، وأرجعت الملف لقاضي التحقيق لمواصلة الأبحاث.
كما تم بتاريخ 28 نوفمبر 2022، استنطاق رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، الذي قرر قاضي التحقيق إبقاءه في حالة سراح، في حين أصدر بطاقة إيداع بالسجن في حق علي العريض.
وفي تطورات متصلة بالملف، أصدر قاضي التحقيق عدة بطاقات إيداع بالسجن ضد مسؤولين وأمناء مال جمعيات، ثبت تورطهم في عمليات التسفير.